فوق شاهد الغياب

حينَ أتعبُ من فرطِ الفراق

أزورُ المقبرة

على كلِّ حال

الشواهدُ هنا

يزينُها الصليب

وكلماتٌ فرنسيةٌ لا أفهمها

وحدها الأرقامُ ما أُجيدُ قراءتها

تاريخُ ميلاده،

يومُ الفناء

الكثيرُ من الورود

التي تتفتحُ على خجل

مثلَ فتاةٍ بكر

ليلةَ زفافها

أو مثلَ سمحاة

حبيبةَ أنكيدو

حينما أدركت عورتها

للمرةِ الأولى

بعدَ حضنه

حينَ أتعبُ من فرطِ الفراق

أزورُ المقبرة

أقفُ عند قبرٍ بلا اسم

أغوصُ في حكاياتي كأنه يعرفني

أقولُ له: “ما متُّ، لكنّي هنا كي أُشبهك أكثر”

تمرُّ الريحُ

بين ظلالِ الأشجار

وأضعُ يدي فوقَ قلبي

لا لتحسسِ الشواهد

بل لأطرقه

وأنتظرُ للحظات

وأنا أُجزمُ

لن يفتحَ لي أحد

كانوا هنا يركضون

لكنَّ الجميعَ مات

كلهم ماتوا

وأنا ثبتُّ شواهدهم بيدي

أعودُ وحدي

أجرُّني

كمن يتناسى شيئًا

ولا يريده

خلفي صمتٌ ثقيل

وأمامي مدينةٌ

بلا ذاكرة

أسألُ نفسي:

هل كنتُ أزورهم؟

أم كنتُ أفتّشُ عن قبري أنا

الذي لم يُكتب بعد؟