أنثروبولوجيا الرحيل

أخجلُ من نفسي إنْ صدّقتُ موتك

أتفقدُ الرسائل القديمة

أكلمك في صمتي،

وأعتذرُ إن بكيتُ…

فالبكاءُ على من لا يموتُ

ضعفٌ لا يليقُ بمن أحب

أخجلُ من نفسي إن صدّقتُ موتك،

فأنا الذي كنتُ أراوغُ الغيابَ بك،

أستدرجُ الحياةَ إلى حنجرتي حين أناديك…

فكيف أقايضُك بالصمت؟

كلّ ما فيّ يرفض أن يُسقطك من الحضور:

ذاكرتي…

مقعدك الفارغ…

الملح في فمي حين أتهجّى الصبر،

كأن غيابك كذبة،

كأنك في الجدار،

في الغفوة،

في ارتجافة ظلّك على سطح الخيال.

كلّي يذكر يدك حين كانت تلمس كتفي،

دفءٌ كنا نشتريه من لحظات نادرة،

اليوم، باردٌ هو المكان،

لكنّي ما زلتُ أرتدي تلك الذكرى كدرع.

أهربُ من لحظة البكاء

لأنه الإقرار

ولم يكن بيننا أي اتفاق

على هذه النهاية

أُخبّئ اسمك في جيبي،

ألمسه حين أخاف،

كأنّه تعويذةُ نجاة،

كأنّه صلاتي التي لا صوت لها.

أخجلُ من نفسي

إن رتّبتُ حياتي دونك،

إن عدّلتُ مقعدك،

أو محوتُ رائحة صوتك

المعلّقة فوق معطفي

إن تآمرتُ على ذاكرتي مع الموت،

أنتَ لم تُغادر…

نحن الذين تراجعنا

خطوةً إلى الوراء،

فبدا المشهد خاليًا.