إلى حبيبتي
يُقطّعني الغيابُ كلَّ يومٍ بسكينٍ باردٍ…
يذبحني شيئًا فشيئًا،
نصلهُ في عنقي ومِقبَضُهُ حولَ مِعصَمِ الوقت…
لمْ أكنْ أعلمُ أنّي حينَ كتبتُ قوليَ
“الوقتُ ديكتاتوريَ المفضلُ”
بأنّه سيُعجِبُهُ،
وأنّه سيتلذذُ في ذبحيَ.
الآن أنا أقصى جنوبِ الواديْ
فرصةُ الموتِ بصاروخٍ باتتْ أقلَّ
على خلافِ الموتِ من القلقِ
الذي يزدادُ في كلِّ لحظةٍ.
أذكرُ أنِّي قَطعتُ الواديَّ أولَ مرةٍ لأكونَ داخلَ حضنكِ،
كي يطمئنَّ قَلبانَا،
وَلِتُمسدّي عن كتفيّ بقايا البيتِ.
حبيبتي المتعبةُ من كلِّ الرمادِ…
أنا هنا في مدينةٍ لا تشبهُ مدينتنا،
لا شاطئُ بحرٍ هنا
كي أَخطِفَ نظراتكِ حولَ نورسيَّتي،
ولا شجرةُ زيتونٍ
كي نتسامر تحتَ ظلِّها
كلَّ خميسٍ في المقهى.
الغيابُ باتَ مشهدًا عابرًا
يسرقني كلَّ يومٍ،
كلُ المشاهِدِ باتتْ عاديةً
حين جُبِرتُ على غيابِ صباحكِ من وجهي.
أنا هنا يا حبيبتي
يُصيبني الخوفُ في كلِّ مرةٍ
أذكرُ أنّي بعيدٌ عن زرقةِ بحريَ الملتفَ حولَ خاصرتكِ،
كيفَ أكون من سربِ النوارسِ
وبحريَ باتَ قيدٌ
مفاتحه فقط حين أرى عينيكِ؟
حبيبتي…
رسائلي كلُّها منكِ وإليكِ،
عن حمرةِ السماءِ الملتهبةِ بقنابلِ الإنارةِ،
عن طائرةِ مساعداتٍ
وعن صاروخٍ دمّرَ حياتنا.
أحفرُ أني نورسٌ
بحبرٍ بنَّيٍ
قريبٍ من لونِ عينيكِ،
وأسرقُ جدائلكِ وأحضنها كلَّ ليلةٍ
كي أنام،
ويبقى السؤالُ في مخيلتي دائمًا.
متى وأينَ سيلتقي النورسُ بحبيبه الغرابِ؟
وحينَ نلتقي…
كيفَ سيكونُ اللقاءُ؟