صديقي حيدر، كنّا نخوض أيامنا معا ، أسرق الوقت كي أكون بجانبه وأتعلم منه شعرًا، وهو يسرق الوقت كي يجرب ما هو جديد، ذات يوم وعلى شاطئ البحر، كسرنا قيد الشاعر الذي كان فيه حيدر، وقررنا أن نجعله يقفز فوق “درابزين” شارع الكورنيش، كي نقطع الطريق بصورة أسرع. والليلة التي بقينا فيها في شوارع غزة حتى الواحدة بعد منتصف الليل وهو يخوض تجربته مع الأصدقاء لأول مرة، أذكر كم كان حينها هاتفك لا يتوقف عن الاتصال..
أذكر وجهه وهو يبتسم، أذكر كم ضحكنا في هذا اليوم.
كان حيدر يُحب أن يُجرب، ويغامر، فرحت له حين أشاح لي بخبر زيارته للضفة، والقدس، ونبوءته التي وصلته من جوار الأقصى، بأني سأكون مبدعًا ومميزا..
عزيزي حيدر..
استطعت أن أهرب بجسدي من الحرب، وكنت قد تواصلت معك لتفعل ذلك، لكنك خُفت، وهذه المرة الأولى التي أستشعر خوفك، عهدت فيك حب الاختيار، ومغامرة التجربة، جلساتنا في باباروتي يا صديقي وأنت تبتسم، ضحكاتك لا تُنسى..
كان حيدر يُحب التقاط الصور، الكثير من الصور، في اجتماعات يراعات، واجتماع الهيئة، حتى حين نكون برفقة الأصدقاء في المقهى. يلتقط.. كان هوسه أن يصيب صورة بطريقة إبداعية
والإبداع مقياسه بسيط عند حيدر: أن تكون الكاميرا لها القدرة على التقاط ضحكاتنا وهفواتنا..
اليوم صورنا يا عزيزي تُذكرني بكل شيء، أسمع ضحكتك داخلها
وأسمع ضجري وأنا أقول: ” ينهار اسود هنضل نصور طول اليوم”
في الآونة الأخيرة ما قبل بدء الحرب، كنّا نلتقي أكثر من مرة في الاسبوع الواحد.. ونضحك، ونسجل ضحكاتنا يا عزيزي..
الحياة لم تعد وردية، لا أراك بعد، ولا أكتب الآن لأني خائف عليك.. أنا أكتب لأني أفتقد ضحكاتنا سويا..
أفتقد صديقي الجميل..
طلبي صغير جدًا، أن تبقى مغامر، كي نلتقي